Headlines
Publié :samedi 26 janvier 2013
Par EDVAC

ميدان التحرير.... من المغرب



توفرت لي فرصة ثمينة للتعرف على ميدان التحرير عن قرب، فقد كنت أتابع دراسة في السلك الثالث (الماستر)
بجمهورية مصر العربية، في تلك اللحظة التي انفجرت فيه الثورة المصرية العظيمة
ميدان التحرير كان عصب الثورة، محرك الأحداث الرئيسية التي طبعت الثورة المصرية وركزت عليه وسائل الإعلام بشكل مكثف.. منه كانت تقرر الخطوات الكبيرة للثورة العظيمة التي أسقطت أعتى الرؤوس المستبدة بالمنطقة.لن تتناول هذه الورقة الأحداث « الكبرى » لتلك الثورة التي ألهمت الملايين، بل تلك التفاصيل الصغيرة التي كانت تجري في ذلك الميدان، تفاصل الحياة اليومية للثوار المعتصمين.. هذه الملاحظات هي بنت لقاءاتي مع مجموعة من الشباب المصري المشارك في الثورة والمعتصم في ميدان التحرير. ولجعلها شهادة حية لمشاركتي المتواضعة جدا، تفاديت إثقال النص بما بثته وسائل الإعلام والصحافة عن المعتصم
اعتذر للرفاق عن التأخر في نشر هذا التقرير، لظروف خاصة..
يتناول التقرير كيف كان الثوار يسيرون الحياة اليومية وينظمونها في ميدان التحرير، اعتمادا على قدراتهم الذاتية، عكس ما روج له إعلام الاستبداد بأن ذاك المعتصم كان ممولا من جهات خارجية.. أو من الإعلام الموالي للإخوان الذي يرمي إلى جعل الميدان كله قائما على القدرات التنظيمية والتمويلية للإخوان.. والهدف واحد لدى قطبي الإعلام هذين؛ لا يستطيع الكادحون بمحض قدراتهم الذاتية تنظيم نضالهم
التموين: الأكل والشرب
يحمل كل قادم إلى الميدان وجبات أكل وشرب للمعتصمين، كشكل من أشكال التضامن النضالي ليتم تناوله بشكل جماعي.
ينصح الأطباء (الذين كان الكثير منهم معتصما بالميدان) بتناول الأغذية التي توفر طاقة للجسم مثل التمر والحليب وتفادي الأغذية الثقيلة والدسمة، وهو أمر ساعدهم في مأمورية تخفيف الضغط على المراحيض القليلة الموجودة بالميدان. كان الأطباء يصعدون إلى منصات الميدان ويدعون عبر مكبرات الصوت إلى تناول كميات محدودة ومعينة من الأكل وهذا يساعد أيضا في توفير المال الذي يتم جمعه عن طريق مساهمات؛ لأن الهدف هو النضال والصمود وليس الأكل على حد تعبير أحد الشباب المعتصمين.
بالنسبة للمراحيض وطرق تدبيرها، عمل المعتصمون على استغلال بعض المراحيض العمومية المتواجدة بالميدان رغم قلتها. بالإضافة إلى مراحيض بعض المساجد القريبة ومحطة المترو القريبة من الميدان.
كما تم ارتجال مراحيض جديدة بالميدان، حيث تم رفع غطاء أنابيب الصرف الصحي، وبنيت حولها الجدران الخشبية والحديدية.. تجدر الإشارة هنا إلى دور الحرفيين والعمال الذين تم الاستفادة من خبرتهم المهنية، لقاء مثل هذه الأغراض، حيث يتم المناداة بواسطة مكبرات الصوت على كل من يتقن مهنة هناك حاجة إليها في صنع المراحيض أي بناء المنصات، كل ذلك بشكل تضامني وليس بالمقابل كما هو متعارف عليه في مجتمع الأجرة الرأسمالية.
لا يتم استعمال المراحيض إلى في حالة الحاجة الماسة، لأن عدد المعتصمين يقدر بالآلاف، بينما لم يتجاوز عد المراحيض العشرين رغم أنها كانت حسنة التنظيم ومعتنى بها كفاية.
التطبيب
تم إنشاء مجموعة من المستشفيات الميدانية، وكانت عبارة عن خيام يسهل نقلها من مكان لآخر. وتطوعت عدة أطقم من الأطباء والممرضين والممرضات لإسعاف الجرحى والمغمى عليهم. وبالنسبة للأدوية فقد كان يتبرع بها المواطنون مجانا لسد الحاجة.
يقوم الأطباء بحملات التوعية الصحية، وكانوا دائما ينصحون المعتصمين بعدم البصق على الأرض أو رمي المناديل الورقية لتفادي انتشار الجراثيم.
كانت هناك لجان خاصة لجمع النفايات وتخصيص أماكن خاصة لتجميعها.
الحراسة والدفاع الذاتي
عمل المعتصمون على تفادي الغازات المسيلة للدموع عن طريق صب الخل والمشروبات الغازية على المناديل ووضعها على الأنف، للتخفيف من الاختناقات الناتجة عن القنابل المسيلة للدموع.
أما بخصوص المواجهات مع البلطجية أو مع قوات القمع، فكان المعتصمون يقومون بتكسير السيراميك الموجود على الأرصفة واستعماله لرمي البلطجية أثناء هجومهم على المعتصم، كما تم استعمال حاويات الأزبال كواقيات ضد الحجارة. بعد موقعة الجمل الشهيرة عمل المعتصمون على تنظيم أنفسهم أكثر، فأنشئت لجان حراسة لتفتيش الوافدين إلى الميدان بدقة، وقد استجاب الجميع للتفتيش.. كانت الإناث يفتشن الإناث والذكور يفتشون الذكور.
في الليل يتوزع الثوار على المداخل المؤدية إلى الميدان لحراسة المعتصمين (نساء وأطفال وشيوخ)، وعند الإحساس بقدوم أي خطر، كان الثوار يدقون ناقوس إنذار متفق عليه سلفا؛ حيث يتم ضرب الحواجز الحديدية التي أقامها الجيش، وذلك لكي تصدر صوتا إنذاريا ويتأهب الجميع للمواجهة والدفاع عن الميدان والمعتصمين.
كان المعتصمون يعملون على تكليف مجموعات بشحن الهواتف النقالة للمعتصمين، حيث خصصت لهم طاولات مزودة بشاحن كهربائي على مدار الساعة، ولم تسجل ولو حالة واحدة لسرقة الهواتف، بل وضعت طاولة مخصصة للمفقودات داخل المعتصم.
أماسي الفن والنقاش
تمر الليالي في أجواء نضالية وفنية في غاية الروعة، حيث يتم إشعال النيران للتدفئة، وفتح نقاشات حول مصير الثورة ومشاكل البلد عموما
بينما يتحلق الشباب حول المغنيين والفنانون الملتحقون بالثورة للاستماع للأغاني النضالية والثورية، ولكن كذلك للاستماع لجميع أنواع الغاني،فليس هناك من رقابة أو من يستطيع منع أغنية كيفما كانت بدواعي الميوعة أو عدم الالتزام. كان الاعتصام مثل العيد.. مثل حلم قصير عمل المعتصمون على الاستفادة من كل لحظاته خشية انتهائها دون الاستمتاع بها حتى الثمالة.. انعدمت الأمراض الاجتماعية التي يرسخها مجتمع عبودية العمل المأجور في النفوس؛ لم تسجل ولو حالة واحدة للسرقة أو الحوادث المألوفة للتحرش الجنسي، رغم الاختلاط الكبير حيث كانت عائلات بكاملها تنام في خيام المعتصم
كانت اللافتات واليافطات تكتب في عين المكان، حيث يتطوع خطاطون بالمجان لكتابة الشعارات فوقها، وفي غالب الأحيان يتم الكتابة بما هو متوفر، حيث يكتب على الكارتون بقطع الفحم
كان لكل تيار سياسي خيمته الخاصة حيث يفتح نقاشات حول الثورة وآفاقها، ويتم توزيع المناشير والجرائد بكل حرية ودون رقابة من أحد… إنه بذرة المجتمع المنشود؛ كان المعتصمون يشيدون نموذجا مصغرا عنه داخل المعتصم… إنها البذرة التي حاول مبارك خنقها ومن بعده حكم العسكر، وهي نفس النبتة التي يحاول الإخوان المسلمون خنقها حاليا.
كانت عشرات الحلقيات تفتح يوميا لنقاش أشكال وخطوات الثورة، وفي الأخر يتخذ القرار عبر المنصة الرئيسية للثورة المتواجدة بالميدان
في الذكرى الثانية لهذه الثورة العظيمة.. هذه الثورة التي لا زال أوارها مشتعلا.. وتعطي الحجة الأكبر على أن تحرير الكادحين لن يكون إلا من صنع الكادحين أنفسهم.. أقدم هذا التقرير للرفاق الصامدين في وجه الاستبداد، مناضلي حركة العشرين من فبراير
ف. إ

Auteur

Ecrit parEDVAC on 1/26/2013. sous , . suivez les réponses à cette entrée via son RSS 2.0.

By EDVAC on 1/26/2013. Filed under , . Follow any responses to the RSS 2.0. Leave a response

Gagner de L'argent

Traduire

Fourni par Blogger.

    Blog Archive